أثر كتابة اليوميات على تغيير طريقة التفكير

لم يكن محتوى دفتر يومياتي مختلفاً عمَّا تتصور أن تكتبه أيُّ فتاة في سن ما قبل المراهقة، كان الدفتر مغلقاً بقفل ذهبي زهيد الثمن ومفتاح ارتديته حول عنقي، وإذا فتحته فستجد ما تتوقعه بالضبط: أيام هادئة سردتها بتفاصيل دقيقة، واعترافات عن أول الأشخاص الذين أعجبت بهم ومشاعر إحباط بسبب والدي وأشقائي.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدونة ماري ساور (Mary Sauer)، وتُحدِّثنا فيه عن أثر كتابة اليوميات في تغيير طريقة التفكير.

كتابة اليوميات هي عادة لم أكف عن ممارستها على مدى العقدين الماضيين؛ ولكنَّها تطورت تطوراً كبيراً، وعلى الرَّغم من أنَّ كتاباتي ما تزال لا تخلو من نوبات الغضب بين الفينة والأخرى، ولكن أصبح دفتر يومياتي في الواقع أداة في حياتي وعملي بوصفي إنسانة بالغة، وتمكنت من استخدامه لإجراء تعديلات على طريقة تفكيري، وفي النهاية تغيير الطريقة التي أتصرف بها وتغيير نتائج أيامي أيضاً.

لماذا أحتفظ بدفتر لليوميات؟

كانت الكتابة في دفتر يومياتي عندما كنت مراهقة وسيلة بالنسبة إلي لاختبار نظريات عن نفسي وعن العالم من حولي، وقد كانت مساحة آمنة لاستكشاف ما شعرت به وما يعنيه ذلك بالنسبة إلي.

ما زال دفتر يومياتي حتى اليوم يخدم غرضاً مشابهاً؛ فعندما أستخدمه لإلقاء نظرة فاحصة على ما أشعر به في يوم معين أو في تلك اللحظة الحالية، يمكنني أيضاً استخدامه للكتابة عن كيفية تحسين طريقة تفكيري، ومن خلال هذه المساحة الآمنة؛ أي بالورقة الخاصة الفارغة، ويمكنني أن أطرح على نفسي أسئلة صعبة، وأستكشف حقيقة الحياة التي أعيشها دون خوف.

تؤثر طريقة تفكيرنا في النهاية في كيفية تصرفنا، ويمكن أن يساعدنا الوصول إلى الحقيقة المتعلقة بطريقة تفكيرنا على تغيير معتقداتنا واتخاذ إجراءات للقيام بتغييرات هامة لحياتنا، ولقد ساعدتني هذه العادة شخصياً على أن أكون أكثر شجاعة في عملي بوصفي كاتبة، وأكثر وعياً في حياتي بوصفي والدة وزوجة وأن أتخذ إجراءات مدروسة لتحسين العلاقات مع أصدقائي.

شاهد بالفيديو: 5 طرق تجعل من تدوين اليوميات عادة مكتسبة

الشروع في العمل:

يتعلق كثير من تغيير طريقة تفكيري باستكشاف قلقي ومخاوفي بصدق، وإذا لم أكن حريصةً وواعية لتابعت حياتي وعملي بدافع الخوف، وإذا واصلت حياتي دون تخصيص وقت للتفكير والتأمل لما لاحظت كيف تتحكم طريقة تفكيري في عملية اتخاذ القرارات.

هذا هو السبب في أنَّني أكتب يومياتي بانتظام، وأستغرق وقتاً إضافياً في الكتابة عندما ألاحظ أنَّني لا أشعر بالراحة؛ إنَّها عادة بسيطة جداً؛ إذ عادةً ما أبدأ بوضع هاتفي على الوضع الصامت، وبمكان بعيد عني وأستغرق بضع لحظات هادئة للتنفس والتفكير، من الصعب العثور على الصمت في هذه الأيام؛ لذلك لا تتفاجأ إذا كان هذا الفعل البسيط هو كل ما يتطلبه الأمر لبدء إثارة أفكارك.

أبدأُ بكتابة ما يدور في خاطري بحرية بمجرد أن أستمتع بالصمت، وأجيب على أسئلة مثل: كيف أشعر اليوم؟ وما الذي يقلقني بشأن عملي؟ إنَّني أنتبه جيداً لما يشعر به جسدي في أثناء الكتابة، هل يوجد هناك موضوعات معينة تشعرني بالتوتر أو تزيد من معدل ضربات قلبي؟ إذ إنَّ أي شيء قد يسبب لي قلقاً إضافياً هو على الأرجح طريقة تفكير أحتاج إلى استكشافها، وإذا لاحظت وجود فكرة أو عاطفة معينة تحتاج إلى القليل من الاهتمام الإضافي، فسأركز على الكتابة عن ذلك فقط لبضع دقائق، وهنا أستكشف "السبب" وراء ما أشعر به.

على سبيل المثال، إذا كنت قلقة بشأن عدم استقرار عملي المستقل، فلن يستغرق الأمر وقتاً طويلاً لتحديد السبب لذلك، فقد فقدت عملي في الماضي وقد رأيت معاناة بعض أصدقائي أيضاً؛ لذلك يُعدُّ الاعتراف بخوفي والسبب وراءه هو خطوة أولى هامة عندما أكتب يومياتي لأغير طريقة تفكيري.

الخطوات التالية: تغيير طريقة تفكيرك

مجرد الصدق بشأن ما أشعر به يحررني للتفكير تفكيراً مختلفاً في بعض الأحيان، وهذا صحيح خاصةً عندما يكون خوفي غير عقلاني إذا شعرت بالقلق؛ لأنَّني لست والدة جيدة أو زوجة أو صديقة جيدة على سبيل المثال، فأحياناً ما تكون كتابة هذا القلق على الورق كافية لتذكيري بمدى عدم صحة هذا الاعتقاد.

لكن في أوقات أخرى تظل المخاوف قائمة، مثل: مخاوفي بشأن العمل المستقل، فتوجد مخاوف يوجد خلفها حقائق تدعمها، ومن الممكن أنَّ الخوف من هذا الشيء قد راودني لمدة طويلة لدرجة أنَّ الأمر يحتاج إلى بذل الجهد للمُضي قُدماً.

فيما يأتي بعض الطرائق التي أستخدم بها الكتابة لتغيير طريقة تفكيري وللتفكير تفكيراً أكثر إيجابية بشأن عملي وعلاقاتي:

1. اكتشاف الحقيقة:

إنَّني أكتب عن أسباب مخاوفي كلِّها، وهذا يعني أنَّني أستغرق الوقت الكافي لأكون صريحة بشأن الأوقات التي صدقت فيها مخاوفي وسارت الحياة وعملي كما خشيت تماماً، وبشأن الأوقات جميعها التي لم تصدق فيها مخاوفي وكانت غير مبررة على الإطلاق، ولا يتعلق التفكير الإيجابي بالاعتقاد بأنَّ الحياة ستكون مثالية؛ بل يتعلق الأمر بالاعتراف بأنَّني أملك المهارات اللازمة للتعامل مع الحياة حتى عندما لا تسير الأمور كما تمنيت.

2. اكتشاف العواقب:

ماذا يعني العمل بدافع الخوف بالنسبة إلى حياتي؟ إذا واصلت في أن أسمح لطريقة تفكيري بمنعي من اتخاذ الإجراءات، فما هي العواقب؟ قد يكون من الصحيح أنَّ طريقة تفكيري تحميني من المخاطر، ولكن من الصحيح أيضاً أنَّ عيش حياتي خالية من المجازفة سيمنعني من العثور على النجاح والاندماج الكامل مع العالم من حولي.

3. تخيُّل البديل:

لا توجد أية مخاطر عندما أكتب بيني وبين نفسي، ما يجعلني أقضي الوقت في استكشاف ما يمكن أن يحدث إذا لم يكن هذا الخوف المحدد يسيطر عليَّ، فكيف يمكن أن تبدو حياتي؟ هذا هو الوقت الذي أحلم فيه أحلاماً كبيرة وأتخيل أفضل السيناريوهات للمستقبل، وهذا تمرين يعزز اتصالاً عاطفياً قوياً بطريقة تفكيري الجديدة ويدفعني إلى اتخاذ الإجراءات.

إقرأ أيضاً: نصائح عملية لكتابة اليوميات للمبتدئين

اتخاذ الإجراءات:

أعرف بمجرد أن أتحكم بطريقة تفكيري أنَّ الخطوة التالية هي اتخاذ الإجراءات، وبالنسبة إلي من الهام أن أقرر مسبقاً كيف سأتصرف عندما أمر بموقف يثير مخاوفي؛ إذ يُعدُّ تغيير طريقة استجابتي فرصة لإيجاد دليل على أنَّ البديل الذي أتخيله ممكناً، وكذلك تُعدُّ المساهمة بأفكار جديدة بانتظام طريقة رائعة لإثبات أنَّ أفكاري الجديدة سُتقبل في بعض الأحيان، وعندما لا يحدث ذلك، فإنَّني أمتلك الشجاعة لتجاوز الرفض.

على الرَّغم من أنَّني لا أنهي كلَّ جلسة لكتابة اليوميات بهذه الطريقة، إلا أنَّني غالباً ما أحاول إنهاءها بتحديد نية صغيرة لكيفية التصرف في المستقبل، إنَّها عبارة بسيطة مكونة من جملة واحدة تشجعني على التحلي بالشجاعة الكافية لأعيش الحياة التي أريد أن أعيشها.

إقرأ أيضاً: كيف تبدأ كتابة اليوميات لتزيد من نجاحاتك في الحياة؟

في الختام:

أشعر بقدر أكبر من السيطرة على حياتي عندما أكتب يومياتي باستمرار، وأفكر تفكيراً أكثر إيجابية بشأن المستقبل، وليس من السهل العثور على الوقت دائماً، ولا تعدُّ هذه العملية سهلة دائماً؛ ولكنَّني ممتنة دائماً للطريقة التي يؤثِّر بها التغيير في طريقة تفكيري في أيامي.




مقالات مرتبطة